search
burger-bars
Share

scared young manلقاء خاص مع الدّكتور ماهر الضّبع
عن الإحساس بالخوف بشكل عام ومن الفشل بشكل خاص.

الأعزّاء قُرّاء موقع معرفة، باسمكم نرحّب بالدّكتور ماهر الضّبع، طبيب الأمراض النّفسيّة ومُدرِّس الصّحّة النّفسيّة والمشورة النّفسيّة والأُسَريّة، في الجامعة الأمريكيّة وكليّة اللّاهوت الإنجيليّة.
أهلاً ومرحباً بك دكتور ماهر.
 أهلاً ومرحباً بكم وبكل روّاد موقع معرفة دوت أورغ.

 د. ماهر، في البداية، ما هي أسباب الخوف، بشكل عام؟
للخوف والقلق أكثر من سبب، منها المباشر كعامل الوراثة الذي يؤثّر بنسبة 50 % على شخصيّة الإنسان. فالشّخص الذي لديه عامل وراثي من السّهل عليه أن يشعر بالقلق والخوف، والتّهديد من أمور قد لا يشعر بها الآخرون، لكن! هناك الـ 50 % الثّانية التي تعود إلى أحداث حصلت في حياته وهو صغير.
فمثلاً "الخوف القسري" الفوبيا، وهو الخوف من المرتفعات أو الأماكن الضّيّقة أو الحيوانات، كلّ هذه قد يكون سببها، أمر ما حدث في حياة الإنسان وهو طفل صغير قد يتذكّره أو لا يتذكّره، لكنّه أثّر عليه، وترك لديه خبرة سلبيّة.
وهنا كلّما واجه الإنسان موقفاً مشابهاً أو خبرة مماثلة، نُقل إلى الموقف أو الحدث القديم، دون أن يدري "وبالتّالي ينتابه الشّعور ذاته بالقلق والخوف".
في أحيان كثيرة ما يسبّب لي الشّعور بالخوف والقلق، هو تكرار حدوث أمر ما بشكل دائم معي، كالخوف من الفشل مثلاً.

د. ماهر هل يمكننا الحديث عن الخوف من الفشل بتفصيل أكبر؟:
حسناً، تكرار موقف الفشل في حياة الإنسان، قد يسبّب له الشّعور بالخوف من الدّخول في عمل جديد أو علاقة جديدة، أو التّواجد في مكان ما.
فعلى سبيل المثال، لو دخلت في عمل أو أمر ما وفشلت فيه بسبب ظروف معيّنة، كأن لا أُعِدّ للأمر بشكل جيّد، أو كأن أجد النّاس يؤكدّون لي، كلّما أُعطيتُ مسؤوليّة، بأنّي لم أقُم بما هو مطلوب منّي بشكل جيّد، وأنَّ الأمر لم يكن جيّداً، ما يحدث معي هو التّالي: أنَّه يسيطر في داخلي شعور بالفشل، فأبدأ أكرّر لنفسي هذا الفكر، أنا فاشل، أنا فاشل، لن أنجح في حياتي أبداً. وهكذا تسيطر عليّ قناعة ذاتيّة بأنّي فاشل، الأمر الذي يتسبّب في فشلي الدّائم.
هذه الأكذوبة التي أردّدها في ذهني، تقودني بالفعل إلى الفشل الحقيقي، لأنَّها كما قلت مبنيّة على قناعة مسبقة بأنّي فاشل ولا قدرة لي على النّجاح، وهكذا تنقصني النّظرة الإيجابيّة وبالتّالي الاستعداد لكي أستخدم إمكانيّاتي وقدراتي، وينتهي بي الأمر إلى الفشل الحقيقي، هذا ما يسمّيه علم النّفس "نبوءة ذاتيّة التّحقيق". وكأنّي سمعت نبوءة عن نفسي مع أنّني أنا من يردّدها لنفسي بأنّني فاشل، وهذه النّبوءة ذاتيّة التّحقيق بمعنى أنّني أحقّقها فعلاً في حياتي. فأتحوّل من قناعتي بأنّني فاشل، إلى فاشل حقيقي.
كيف أُفعِّل النّبوءة الذّاتية التّحقيق في حياتي؟
أُفعِّلها عندما لا أقوم بما يلزم عندما أتحمّل مسؤوليّة معيّنة، فلا أُعِدّ لها إعداداً جيّداً، لماذا؟ لأنّي صرت مقتنعاً بأنَّه لا فائدة ممّا أفعل وأعرف مستقبلاً بأنّي سأفشل، وبالفعل ما يحدث هو أنّ الأمر ينتهي بي إلى الفشل الحقيقي.

من أين يأتي الحوار الذّاتي عن حتميّة الفشل؟
يأتي من قناعة مسبقة بأنّي فاشل، وهذه القناعة تأتي من خبرات حياتيّة حدثت بالفعل أو أقوال ردّدها على مسامعي والدي ووالدتي، كأن يُداوِما على ترديد أنّي فاشل، ولا نفع لي، ولست على مستوى معيّن من الذّكاء، أنّي أحمق، ولم أتربّى بشكل جيّد ولست مهذّباً، وإلى آخره من العبارات التي تحوّلت لتصبح في حياتي وكأنَّها عنوان دائم بأنّي فاشل.
أحياناً يفشل الإنسان عندما يقرّر القيام بأمر معيّن، ما السّبب؟
كما سبق وقلت، الخوف من أخذ قرار ما أيضاً قد يكون سببه خبرات حياتيّة فاشلة أو كلمات وعبارات ردّدها الأهل لي وأنا صغير.
وما يحدث هو أنّني لو كنت مقتنعاً بأنَّ كلّ اختياراتي بالضّرورة ستكون خاطئة وسأفشل فيما أفعل وبأنّي أحمق وعاجز عن أخذ خيارات سليمة، ما أن يصادفني موقف أحتاج فيه إلى أخذ قرار بالتّأكيد سأفشل. لماذا لأنّي هنا أنا مطالب بأخذ قرار في أمر معيّن، سأتجمّد عند أخذي لهذا القرار ولن أتمكّن من أخذه، إنّ تعبير الشّلل هو تعبير دقيق يصف حالتي عند تردّدي في أخذ القرارات.
ماذا عن العلاج؟
علاج الخوف من الفشل يعتمد غالباً على صدّ مصدر الخوف، فمثلاً لو كانت لديّ الشّخصيّة التي تجعلني أشعر بالفشل بسهولة، أو أنَّ خبراتي الحياتيّة كانت كلّها مليئة بالفشل، أو أنَّ والدايّ أو أحدهما اعتادا على القول لي دائماً بأنّي فاشل، محصّلة كلّ هذه الأشياء هي أنّي فاشل.   
يمكنني التّعامل مع هذا بأكثر من طريق:
- طريق العلاج المعرفي، من خلال تغيير هذه الرّسائل السّلبيّة، والبحث عن حواري الذّاتي وتغيّره، فبدلاً من أن أتبنّى حواراً ذاتيّاً بأنّي فاشل ولا يمكنني فعل شيء صحيح، أغذّي عقلي بوقائع تقول بأنّي قادر- لو بذلت مجهوداً أكبر- على النّجاح.
لو أعددت للأمر بشكل جيّد سأتمكّن من النّجاح، لو اخترت اختيارات سليمة سأنجح، لو قرأت كتباً أكثر عن الأمر، ولجأت واستشرت شخصاً لديه خبرات في هذا الموضوع سيساعدني.
عندما أغيّر الرّسائل السّلبيّة وأضع مكانها كلمات تقول بأنّي قادر على فعل الأمر وسأنجح في هذا والله سيمنحني القوّة لفعل ذلك، كلّ هذه الرّسائل الإيجابيّة، ستنزع الأكذوبة من ذهني وبالتّالي ستملأ ذهني الأفكار الإيجابيّة.
أمر آخر عليَّ فعله هو وضع أهداف مرحليّة ميسورة يمكنني الوصول إليها، عليّ ألّا أضع هدفاً ضخماً فأقع ولا أتمكّن من استكماله وبالتّالي أفشل، بل أضع أهدافاً صغيرة، أقول أنا أريد فعل هذا وهذا وسأحقّق أمراً معيّناً.
فمثلاً إن أردت أن أصبح كاتباً، لن أكتب كتاباً من أوّل مرّة، لكنّي سأبدأ بكتابة مقالة صغيرة، عندما أضع هذا الهدف أمامي وأبذل مجهوداً كافياً في كتابة المقالة وأبحث على مراجع ومصادر وأجلس لاستشارة أحد ما سبقت له كتابة مقالات، فيراجع لي مقالتي ويصحّحها لي وأعيد كتابتها، سأنجح في كتابتها وستكون جيّدة، وسأكون راض عنها، لكونها باتت جيّدة، والآخرين ما أن يقرأوها حتّى يمتدحوها وردّ فعلهم هذا سيعود عليّ بشيء من الإيجابيّة وبالتّالي سيمسح ولو بالتّدريج فكرة أنّني مخطئ.
معنى هذا، أنّي تمكنّت من النّجاح عندما بذلت مجهوداً وعند بذلي لمجهود أكبر وأكبر، في موضوع آخر سأتمكّن من النّجاح أكثر وأكثر.
 هل من الممكن تقديم نصيحة لقُرّاء موقع معرفة مبنيّة على كلام الكتاب المقدّس؟
كلمة الله هي أحد المصادر الرّئيسيّة التي تعمل على محي الأكذوبة كما نقرأ في يوحنّا 8: 32 ، وكأنَّ الكتاب المقدّس يقول: "عندما تعرفون الحقيقة عن أنفسكم من الكتاب المقدّس، ستمحى الأكذوبة". تماماً كما حدث مع موسى عندما طلب إليه الله أن يأخذ شعبه ليعبدوه في البريّة، فكان جوابه في خروج 3: 11 .
في الواقع، كان موسى يكذب على نفسه والله غضب عليه لأنَّه كان يكذب على نفسه. بكلمات العجز والفشل وبكونه غير قادر على فعل شيء.
لكن، الله كان يريده أن يضع في فكره، اعتقادات إيجابيّة عن نفسه وقدراته وإمكانياته، فهو قادر على إتمام الأمر، ويمكنه فعل ذلك لأنَّ الله أعطاه إمكانيّات خاصّة وأعدّه بشكل جيّد وعلَّمه  بكلّ حكمة المصريّين طوال سني عمره وبأنّ الله واقف معه وسيساعده.
كلّ هذه الأفكار الإيجابيّة هي آتية أصلاً من فكر الله، بيقين القدرة على النّجاح في هذه المهمّة، بالإضافة إلى كلمات أخرى، كـ "لا تخف أنا معك لأنّي إلهك أيّدتك وعضدتك بيمين بِرّي، أنا هو الممسك بيمينك القائل لك لا تخف ... إلخ". هذه الكلمات هي جزء من انتزاع الأكذوبة ووضع كلمة الله مكانها.      

في الختام باسم كلّ قرّاء موقع معرفة، نشكر د. ماهر الضّبع على هذا اللّقاء الفريد وهذه المعلومات القيّمة ... شكراً لك د. ماهر.
شكراً وأهلاً بكم.

موضوعات مشابهة:

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads

الإنجيل