search
burger-bars
Share

جذور وتاريخ المسيحية في ليبيامنذ بدايتها وصلت المسيحية الى ليبيا وانتشرت في الكثير من مدنها، فبنى فيها المسيحيون الكنائس وبشروا بالمسيح وكرزوا بالإنجيل بالرغم من شدة المصاعب التي واجهتم من طرف السلطات الرومانية، فواجهوا السيف بالكلمة والكراهية بالمحبة متكلين على إيمانهم بالمسيح وخاضعين لإرشاد وتشجيع الروح القدس.


مسيحيون من ليبيا:
يشهد الإنجيل المقدس أن أناساً من الليبيين قد آمنوا بالرب يسوع المسيح ، وأن منهم من صار خادماً له مبشراً به بين الأمم. ولا بد من أن عدداً كبيراً من أولئك المؤمنين الليبيين كان قد عادوا إلى بلادهم حاملين رسالة الإنجيل مبشرين بالمسيح وسط شعبهم. يعرّفنا الوحي المقدس على بعض أسماء المؤمنين الليبيين، فيذكر لنا كل من متى ومرقس ولوقا اسم سمعان القيرواني الذي شارك المسيح في حمل الصليب على طريق الجلجثة (.متى 27: 32، مرقس 15: 21 ولوقا 23: 26). أما في سفر أعمال الرسل 2: 10 فقد وقف أناس من ليبيا - جاؤوا لحضور عيد الفصح في أوشليم القدس - يستمعون إلى بطرس تلميذ المسيح ورسوله، يتكلم عن ضرورة الإيمان بالمسيح سيداً ورباً ومخلصاً. و في ذلك اليوم آمن نحو ثلاثة آلاف نفس من بين السامعين (أعمال الرسل2: 41). ومن المؤكد أن ليبيين من بين الذين آمنوا واعتمدوا في ذلك اليوم قبل أن يعودوا إلى ليبيا حاملين معهم الإيمان الحقيقي لعائلاتهم وشعبهم. لم يكتفي هؤلاء الليبين بليبيا، بل حملوا بشارة الإنجيل معهم حيث ذهبوا. ففي أعمال الرسل 11: 20 و21 نجد مؤمنين من القيروان قد استثمروا وجودهم في مدينة أنطاكية (في تركيا حالياً) ليخبروا الآخرين عن الإيمان بالمسيح. ومن المؤمنين الليبيين الذين يذكرهم لنا سفر أعمال الرسل بالإسم، لوكيوس القيرواني (أعمال الرسل 13: 1) وهو كان يخدم ويعلّم في إنطاكية مع مؤمنين آخرين.

إنتشار المسيحية في ليبيا:
وبحسب مراجع لاهوتية موثوقة، لقد نمت المسيحية في منطقة شمال أفريقيا خلال القرون الثلاثة الأولى للمسيحية وترسخ الإيمان بالمسيح في حياة أهل تلك المنطقة وقد أسّسوا الكنائس في المدن والقرى...
"في مدة لا تتجاوز الخمسين سنة منذ أن ألقى المسيح الموعظة على الجبل، ترسّخ الإنجيل في شمال أفريقيا كإيمان غير محصن لأقلية مضطهدة. وخلال قرنين ونصف، سمع سكان هذه البلاد إنجيل المسيح واستجابوا له لا بتأييد من السلطة الرومانية، بل على الرغم منها. وأنه لمن المثير أنّ كنائس شمال إفريقيا، في سنوات الإضطهاد لم تزدد إلا نمواً وازدهاراً. لقد كان إيمانها صلباً وشهادتها السلمية للناس والمحيطين بها فعالة لدرجة جعلت الجزء الأكبر من تونس و وكثيرا من الجزائر  وأجزاء كبيرة من ليبيا والمغرب، تُعرف في القرن الثالث بأنها مسيحية". (التراث المسيحي في شمال إفريقيا، للكاتب روبين دانيال-ترجمة سمير مالك ).

في مواجهة الإضطهاد:
تعرّض المسيحيون في ليبيا كما في سائر أرجاء تلك المنطقة الخاضعة للإمبراطورية الرومانية، لشتّى أنواع الإضطهاد من قبل الرومان الوثنيين الذين حاولوا أن يثنوا المؤمنين المسيحيين عن إيمانهم تحت أهوال التعذيب والقتل والتشريد. إلاّ أن  تلك الأعمال الوحشية لم تؤثر فيهم بل زادتهم ثباتاً ورسوخاً في المسيح رافعين راية الإنجيل فوق كل اعتبار. واستمر الأمر على هذا النحو حتى استلام الأمبراطور قسطنتين الحكم على القسم الشرقي من الأمبراطورية الرومانية والتي كانت ليبيا تقع ضمنه، فأصدر قراراً بالاعتراف بالمسيحية، الأمر الذي سهّل خدمة البشارة فانتشرت المسيحية بشكل أوسع بين سكان البلاد. ولكن مع الفتوحات التي هيمنت على ليبيا اضطرت الأغلبية الساحقة من المسيحيين كغيرهم من الشعوب الأخرى، إلى الهجرة وترك البلاد تحت الضغط فإما تغيير دينهم أو الهجرة أو الإذلال، فاختاروا احتمال المشقات والأهوال متمسكين وثابتين على إيمانهم الحق بالرب يسوع المسيح، واثقين بوعد الله على فم رسوله بولس الذي يقول: "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا." (رومية8: 18). وخير دليل على الجذور المسيحية القديمة في ليبيا هو وجود عدد من الكنائس الأثرية في طرابلس وبنغازي،  كما يوجد ثلاث كنائس مقفلة في مدينة البيضاء. أمّا الوجود المسيحي في الجماهيرية الليبية اليوم فهو لجاليات أجنبية وخاصة من أوروبا بشكله العلني والرسمي. ولكن هناك عدد يقدر بالمئات من الليبين المؤمنين بالمسيح الذين يعيشون إيمانهم وحياتهم المسيحية سراً. نصلي أن يبارك الرب كل مؤمن ومؤمنة بالمسيح في ليبيا، وأن يزداد عددهم ويكثر خلال الفترة المقبلة.

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads