يتبع ..
ولكن هنا سؤال آخر يطرح نفسه، فإذا كان المرض والأوبئة والشرور بأنواعها تضرب الأشرار فقط، فيمكننا أن نقول إن هناك عدالة إلهية، ولكنها تضرب الأشرار والأبرار على حد سواء؟ (أحد المفكرين).
ذلك أيضاً بسبب سقوط العالم، فالمؤمنين أقلية وسط عالم يرفضهم، فلم يخبرنا السيد المسيح أبداً أن العالم سيكون مكان آمن بالنسبة للمؤمنين، وبالرغم من أن هناك الكثيرين ممّن ينادوا بأن المؤمن يجب أن يكون ذو صحة جيدة، ولدية وفرة في المال، وسعيد في كل مجالات حياته .. إلخ
ولكن هذه الصورة غير متطابقة مع كلام السيد المسيح، ومع العهد الجديد بأكمله، فيقول "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ". يوحنا 16: 33
ولكن هناك فروق جوهرية بين الألم الذي يصيب المؤمنين وبين الألم الذي يصيب غير المؤمنين، وقبل أن نتحدث عن هذه الفروق، دعنا نتحدث عن أسباب الألم بالنسبة للمؤمن:
1- لأننا نعيش في عالم ساقط وشرير يضطهدنا، ولأننا في العالم سيكون لنا ضيق، يوحنا 16: 33
2- الألم لأجل تنقية الإنسان وتعليمه وتشكيله، "وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. رومية 5: 3
3- يتألم المؤمن بسبب عدم توبته عن الخطية واستمراره فيها، "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ". رومية 6: 23
الألم بالنسبة للمؤمن:
- هناك إله يسمع ويستجيب، "وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي". مزمور ١٥:٥٠، فعندما يتألم المؤمن فإنه يذهب إلى الله ملجأه ليطلب خلاصه، وتجد في الكتاب المقدس عددًا لا يحصى من القصص عن تدخّل الله المعجزي في حياة المؤمنين.
- هناك أسباب لاحتمال الألم، فالمؤمن يتعامل مع هذه الآلام على أنها مؤقتة، وأن هناك مجد أبدي ينتظره: "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا." رومية ١٨:٨
- الموت ليس نهاية الطريق، فالموت في المسيحية هو انتقال للحياة الأبدية، هو انطلاق لأرواحنا لتكون في المكان المملوء بالبر والسلام والحب. المكان الخالي تماماً من الدموع والألم، " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". يوحنا 3: 16
- الموت ليس دائماً شر، فكل إنسان يحزن لفراق صديق أو حبيب، يحزن لرؤية طفل يموت، أو كارثة تحدث، وهذا طبيعي فمشاعرنا تقوم بوظيفتها الصحيحة، ولكن علينا أن نتذكر وقتها أن الله لا ينظر للموت دائماً على أنه شر، فموت البار مختلف تماماً عن موت الشرير.
عزيزي، فكر معي في هذه النقطة البسيطة، إذا كنا نتهم الله بالقسوة أو أنه غير مدرك لعالمنا، أو أنه غير موجود، لمجرد أن هناك شر وألم، فهذه الاتهامات في غير محلها. فلهذه الأسباب عينها أتى السيد المسيح ليعلن محبة الله العظيمة وليخلص الإنسان من الخطية. لقد تألم بشدة وهو يعرف معنى الألم جيداً، ومات ويعرف أيضاً معنى الموت جيداً، وقام لكي ينتصر على الموت وعلى الشيطان.
ولأن الله يعرف مدى قسوة الألم والشر على الإنسان، فقد تجسد وأتى ليشفي المرضى، وليداوي المجروحين، وليحرر من الأرواح الشريرة، لقد أحب المساكين والمطرودين، كان يسوع عظيماً بالفعل، أراد أن ينشر ملكوت الله على الأرض فينقذ عالمنا من الشر، ولكننا لم نتبعه .. ولذلك علينا أن نلوم أنفسنا.
"إن الأسباب نفسها التي تجعلك تلوم الله وتتهمه بأنه غير مهتم بمعاناة عالمنا، وأنه بعيد عنا، أو غير موجود هي نفسها التي دفعت الله لأن يتجسد لينقذ عالمنا".
«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل" متى 5: 13
إذا كنت تريد المساعدة أو التحدث إلى حد يمكنك التواصل معنا (من هنا)