يشتكي الكثير من الشّباب والشّابات من الشّعور بالرّفض ومن
الدّخول في علاقات كثيرة غير جادة، عادةً ما تنتهي بالكثير من الجراح والألم النّفسي وإيذاء الغير وأحياناً إيذاء الذّات.
لكي نفهم سبب الإخفاق في العلاقات وسبب المشكلات التي تنتج عنها، علينا أن نرجع لجذور المشكلة وهي عديدة بحيث يصعب التّحدّث عنها في هذه المساحة الضّيّقة، ولكن يمكننا أن نقف عند بعض الأسباب الرّئيسيّة للتّحدّيات التي يواجهها الجنسان في العلاقات.
السّبب الأوّل: الإخفاق في العلاقات هو أنّ الكثيرين يدخلون تلك العلاقات بنقص داخلي عميق في الحُبّ، وكلّ ما يبحثون عنه هو أن يجدوا من يُشبع هذا الحُبّ وهذا التّعطُّش للاهتمام بهم من خلال تلك العلاقة.
ينجح الأمر لفترة ولكن عند حدوث مشكلات يبدأ كلّ طرف في اتّهام الطّرف الآخر بأنّه لا يحبّه، ويبدأ كلّ طرف في تجريح الآخر معتقداً أنّه اتّخذ قراراً خاطئاً منذ البدء بشأن هذه العلاقة.
الحقيقة لا يمكننا أن نعثر على الحُبّ المُشبع لقلوبنا إلّا من الله ذاته. الله هو المصدر المطلق للحُبّ لأنّ الحُبّ هو طبيعة شخصيّته، وهو أيضاً المصدر الذي لا ينضب للحياة المشبعة.
قبل أن تبحث عن الحُبّ في أيّ علاقة لكي ترتبط أو تتزوّج إسأل نفسك هل أنت مرتبط بالله وتشبع من حبّه؟ أم أنّك تبحث عن الحُبّ من مصادر أخرى غير مشبعة؟
كانت تلك هي الكلمات التي قالها السّيّد المسيح له المجد لامرأة ظلّت تبحث عن الحُبّ في علاقات مع الرّجال طوال حياتها "كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ." (إنجيل يوحنّا 4: 13 - 14).
ليس معنى هذا ألّا ندخل في علاقة حُبّ مع الجنس الآخر على الإطلاق، ولكن معناه أن نفهم أنّ مصدر شبعنا الدّائم من الحُبّ يجب أن يكون من السّماء لا من الأرض. وعندها سيمكننا أن نقول ما قاله آساف في مزمور 73: 25 "من لي في السّماء غيرك؟ ولست أبغي في الأرض أحداً معك". لا ندخل في الزّواج والعلاقات لنجد الحُبّ، بل لا بدّ أن نحمله معنا ونحن داخلون.
جزءٌ آخر من الحلّ يكمن في الطّريقة التي نتعامل بها مع الآخرين ومقدار نضوجها.
هل نطالبهم بأمور لا نفعلها؟ حين نطالب الآخرين بأمور لا نقوم نحن بها فإنّ هذا يُعتَبر نوعاً من عدم النّضوج.
هل تطلب الغفران وأنت لا تغفر للآخر؟ هل تطلب الاحترام وأنت لا تحترم الآخر؟ هل تطلب التزاماً وأنت غير ملتزم؟
يقول السّيّد المسيح: "فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ" (متّى 7: 12). هذه هي القاعدة الذّهبيّة في التعاملات.
أخيراً عليَّ أن أقول الحقيقة أيضاً وهي أنّه لا بدّ من إعادة تعريف معنى الحُبّ على أنّه التّضحية، وخدمة الآخر، وإعطاء وقت للآخر، وإخلاء الذّات من أجل الآخر وليس مجرّد مجموعة مشاعر رومانسيّة وكلمات ملتهبة.
لا عيب ولا خطأ في الكلمات والمشاعر، لكن العيب والخطأ هو أن نظنّ أنّ الكلمات والمشاعر فقط تساوي الحُبّ، لأنّ الحُبّ أكبر وأسمى بكثير من كلمات ومشاعر مجرّدة!.