قال لي رَجُلٌ مُسِنّ، شعرت أنّه ممثّل لتقاليد الشّرق الأصيلة: "الشّباب لم يصبحوا رجال زيّ زمان ..".
صمتُّ، فهناك فجوة حضاريّة كبرى بين زمان والآن، لن أستطيع شرحها في جملة واحدة.
لم نعد شرقيّين ..، ولم نستطع أن نصبح غربيّين.
تاهت هويّتنا بسبب التّشدّد الدّيني، والتّشتّت السّياسي والثّقافي.
فقدنا دفأنا الاجتماعي الذي كان يميّزنا، وفقدنا إنسانيّتنا وقبولنا لبعضنا البعض.
لذلك امتلأنا بالمتناقضات.
نشتهي في الخفاء، وندين في العلن.
نستبيح أخطاءنا في الخفاء، ونتظاهر بالأمانة في العلن.
نرتدي الملابس التي تدلّ على التّديّن، وقلوبنا مليئة بالأفكار الشّرّيرة.
نسعى لأن تكون لدينا صديقات وحبيبات على الطّراز الغربي، ونتشدّد تجاه أيّ فتاة أو امرأة تربطنا بها صلة قرابة.
... إلخ
كن نفسك فقط
حوّلت التّكنولوجيا العالم كلّه إلى قرية صغيرة، قرية تذوب فيها الثّقافات والعادات والتّقاليد، بل تنصهر فيها كلّ أصنام التّخلّف والرّجعيّة. لذلك فكلّ ما يحدث معنا وفينا شيء طبيعي.
الغير طبيعي هو
ألّا نكون أنفسنا، ألّا نكون صادقين، أن نتعامل بشخصيّات مختلفة بحسب متطلّبات الموقف، أن نخاف من مجتمع لديه أفكار رجعيّة لا تصلح لعالمنا الحالي.
الغير طبيعي هو أن نترك مرض التّشيزوفرينيا (الانفصام) ينتشر فينا مثل الورم الخبيث.
لا تخف
افحص أفكارك من جديد ..
اختبر مدى صحّتها ومنطقيّتها ..
فكّر في كلّ شيء، بدون أيّ قيود، وابحث عن الحقائق ..
وابحث عن الهويّة التي تناسبك .. ولا تخف.