لا يمكن أن يُنكر أحدهم أنّ العالم صار مكاناً مليئاً بالتّوتُّر والضّغط. فالأزمات السّياسيّة تعصف بالبلاد، والمشكلات الاجتماعيّة والمادّيّة تؤثّر على غالبيّة – إن لم يكن كلّ- البشر. ما أن تفتح التّلفزيون لتستمع إلى نشرة الأخبار حتّى تصلك أنباء
القتلى والانفجارات والصّراعات.
وعلى الرّغم من أنّ هناك الكثير من الحديث في وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعي عن السّلام والفرح، وعلى الرّغم من كلّ صفحات الفيس بوك أو الصّور الطّريفة التي تحاول أن ترسم بسمة على وجوه البشر، إلاّ أنّها نادراً ما تنجح في ملء القلب بالسّعادة، وإنْ نجحت فهي عادةً ما تكون سعادة سريعة الزّوال.
للأسف يجهل النّاس أنّ الفرح الحقيقي ينبع من الدّاخل لا من الخارج. فهم يحاولون الحصول عليه من مصدر خارجي كالحفلات، أو النّزهات، أو النّكات، أو التّظاهر بالفرح، أو تجاهل ونسيان الألم ...
لكن الفرح ينفذ منهم في النّهاية لأنّ الظّروف دائماً تتغيّر! وللسّعادة الزّائفة شقيق هو السّلام الزّائف!.
يحاول النّاس أيضاً أن يحصلوا على السّلام من مصادر متنوّعة مثل المال، أو الاطمئنان بالاعتماد على الممتلكات الأرضيّة، أو الأمان بسبب وظيفة ما، أو حتّى بسبب علاقة ما. فيصبح اعتماد الإنسان بالكامل على هذه المصادر والتي حين تهتزّ يشعر بأنّ سلامه يهتزّ بل ويتبدّد معها في الكثير من الأحيان.
السّلام والفرح لا بدّ أن ينبعا من داخلنا لا من خارجنا. ولا بدّ أن يعتمدا على الله وعلى كلمته لا على ذواتنا أو ممتلكاتنا.
يعلّمنا الكتاب المقدّس عن ثلاثة مصادر أساسيّة للسّلام والفرح. المصدر الأوّل هو السّلوك التّقي: "لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إشعياء 48: 22) فمن المستحيل أن نسلك سلوكاً لا يتوافق مع كلمة الله وتمتلىء قلوبنا بالسّلام. إن كنت تتوق للسّلام فوفّق بين سلوكك وبين وصايا الله.
المصدر الثّاني للسّلام هو الرّوح القدس ذاته: "وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ" (غلاطية 5: 22) فهل تلتصق بالرّوح القدس وتطلب سلامه؟ إنّه نبع السّلام الدّاخلي المتدفّق. اطلب ملء الرّوح القدس وثمره لحياتك وذهنك وعقلك ومشاعرك!.
أمّا المصدر الثّالث فهو تثبيت عيون أذهاننا على المسيح وعلى سلامه: نعم المسيح لا يعطينا سلام فقط، لكنّه يعطينا سلامه ولا يمكننا أن ننال سلامه إلّا إذا ثبتنا فيه.
المذهل أنّ المسيح أكّد أنّنا سنواجه ضيقات في العالم وكأنّه يقول: لا تنظروا للخارج بحثاً عن السّلام لأنّه سيكون سلاماً زائفاً.
"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." (يوحنّا 14: 27) سلام الله متاح لك يا صديقي، ولكن إن كنت تتساءل لماذا لا تتمتّع به بشكل يومي فاسأل نفسك:
هل أسلك وفقاً لوصايا الله؟
هل أطلب ملء الرّوح القدس وثمره؟
هل عيناي ثابتتين على المسيح لأطلب سلامه الدّاخلي لا سلام العالم الخارجي؟
عزيزي/ عزيزتي، إذا احتجت للمشورة والمساعدة، تواصل معنا