img title="تهذيب الاطفال" src="image" alt="تهذيب" width="120" hei" align="right" b" hspace="4" vspa" /></a>يغلُب است"دام كلمة التأديب في مجتمعاتنا العربيّة بالجانب السّلبي منها، ألا وهو إنزال العقاب كردّ فعل مُستحِقّ تجاه الخطأ أو سوء السّلوك المُرتَكب، من جهة الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. لكنّ الكلمة ربّما تحمل في معناها باللغة الإنجليزيّة معنى أكثر
لطفاً وأقل حدّةً من ذلك، فكلمة "discipline" التي تشير بالأكثر لمعنى تربية النّظام والعادات والسّلوكيّات المُنظّمة والمرغوبة لدى أطفالنا، بما قد يستلزمه ذلك من تأديب وتهذيب وتدريب الأطفال (والكبار على حدٍّ سواء)، لمساعدتهم على اكتساب عاداتٍ ونُظُمٍ وسلوكيّاتٍ أكثر لياقةً وتواؤماً وقبولاً للسّلوكيّات البشريّة اللائقة.
· الأطفال و كيف يكون التّأديب؟
تأديب الأطفال ليس هو مُمارسة ذلك النّوع من السُّلطة المُطلَقة أو الفوضويّة المُستبِدّة والمُتسلِّطة من جهة الأهل نحو أبنائهم، ممّا يعطي للطفل نوعاً من الإحساس بالذّلّ والقهر والإستعباد، ويؤدّي إلى زعزعة ثقة الأطفال بنفسهم ويُضعف من شخصيّتهم في أخطر مراحل تكوينها. (وهذا هو الذي يحدث كثيراً نتيجة التّربية الخاطئة، ممّا يسبّب للطّفل مشاكل نفسيّة بالغة تظهر في المستقبل، وقد يكون من الصّعب علاجها بعد ذلك!).
إنّما لا بدّ أن يُمارس الآباء سلطتهم نحو الأطفال بطريقة لائقة وصحيحة وناضجة، وبوعي كامل، حتّى تأتي التّربية ويأتي التّأديب بنتائجهما المَرجوّة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ كلّ طفل يحتاج إلى التّأديب، لكن المهم هو أن يُقدِّم الوالدان للطّفل مع التّأديب (عند عقاب الطّفل) الأسباب التي بموجبها يُعتَبر سلوك الطّفل أو تصرُّفه ـ من وجهة نظرهم ـ مرفوضاً ويلزمه أن يتوقّف عنه، أو يكون مستحقّاً للتّأديب أو العقاب إن هو كرّره أو استمر فيه.
· لنتّفق معاً على القوانين:
لا بدّ أن يجتمع الأهل مع الأطفال، ويضعون (يتّفقون) معهم القوانين الواضحة الواجب عليهم السّلوك بموجبها، مع مُحاولة إقناعهم (لحدّ ما) بفائدة وضرورة أن يكون السّلوك هكذا، ومخاطر أو مضار السّلوك الآخر الذي يُمكن أن يسلكوه، ولأجله يكونون مُستحقّين للعقاب. أقول إنّه ل لا بدّ أن تكون كلّ القوانين التي سيُطالِب الأهل الأطفال بالإلتزام بها واضحة ومُتَّفَق عليها، حتّى يساعد ذلك الطّفل ليُدرك الأمور ويتصرّف حيالها بطريقة صحيحة.
· لنرفض التّصرّف الخاطىء وليس الشخص المُخطِىء!
يجب على الأب والأم ألّا يعبّروا عن رفضهم لسلوك الأطفال بطريقة عصبيّة أو بغضب شديد ممّا يجعلهم يخسرون الموقف. بل عليهم أن يتكلّموا بطريقة هادئة دون غضب أو انفعال، بكل هدوء ومحبّة، فتكون الرّسالة التي تصل للطّفل من خلال تصرّفهم أنّه مازال محبوباً، وأنّ محبّتهم له لن تتأثّر بسلوكه الخاطىء. فهم يرفضون سلوكه الخاطىء لأنّهم يحبّونه ويبتغون مصلحته. إنّهم يرفضون الموقف الخاطئ للطّفل لا الطّفل نفسه.
وعلاقة الأهل بالأطفال لا بدّ أن تُبنى على عاملَين مُهمّين هما: الحبّ من جهة، والهَيبة والتّقدير من الجهة الأخرى. وواضح أنّ كلا العاملَين مُهمَّين ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما.
وكلّما كان العقاب للطّفل ــ تجاه خطأ ما قد اقترفه ــ فوريّاً، كلّما كان ذلك أفضل، لأنّه يُرسّخ المبادىء الصّحيحة في ذهن الطّفل.
· الأطفال و أساليب التّأديب أو العقاب:
الأساليب المُستخدمة في تأديب الأطفال كثيرة، ولعلّ أكثرها شيوعاً في مُجتمعاتنا العربيّة هو الضَّرب، وهو عموماً ليس أفضل الوسائل، لكنّه مسموح به، بشرط أن يكون خفيفاً وليس في مناطق حسّاسة، وألّا يُمارَس بطريقة حادّة أو انتقاميّة.
لكن هناك وسائل أُخرى أقرّها العلماء المتخصّصون واتّفقوا على أنّها أكثر تأثيراً وفاعليّةً في تهذيب الأطفال، منها: حجز الطّفل في حجرته مُنفرداً لبعض الوقت ( time out )، أو حرمانه من المصروف أو من رحلة أو نزهة كان مُقرّراً له القيام بها.
ولا بدّ أن يُراعي الأهل ألّا تتمّ مُعاقبة الطّفل أمام إخوته أو أصدقائه أو الجيران أو الأقرباء الآخرين. كما ينبغي للأهل أيضاً أن يكافئوا الطّفل إن هو التزمَ أو قامَ بدوره بالشّكل اللّائق. وكما أنّ هناك وسائل للعقاب هناك أيضاً وسائل أخرى لمكافأة الطّفل المُطيع.
· الأطفال و أساليب المكافأة أو الثّواب:
وهي مُتعدّدة يمكننا أن نذكر منها: اصطحاب الأطفال في نزهة أو رحلة لمكان مُحبَّب لديهم، أو دعوة أصدقائهم على الغداء أو العشاء تكريماً لهم واحتفاءً بهم. اصطحابهم إلى مطعمٍ يحبّونه أو إعداد الوجبة المُعيّنة التي يُفضّلوها ..... إلخ، كما يمكن إعطاءهم تقدمة ماليّة بسيطةـ من حين لآخر ـ كنوع من التّحفيز أو التّشجيع بشرط ألّا يكون هذا الأسلوب مُستمرّاً. وعموماً نقول إنّه كلّما تعدّدت وتنوّعت طرق التّحفيز (دون استخدام أسلوب مُعيّن بذاته) كلّما كان ذلك جيّداً. ويُفضَّل أيضاً أن تكون هذه الأمور مُعلَنة وواضحة ومُتّفق عليها مع الطّفل، تماماً مثلما يكون الأمر مع وسائل العقاب أو التّأديب. ولا يجوز بأيّ حال أن يُخِلّ الوالدان بالتزاماتهما نحو الطّفل تجاه هذه الأمور، لأنّ أمراً كهذا كفيل بأن يُضعف ثقته بهما ويسبّب له مشاكل عدّة.
· الأطفال و كيف نُعِدّهم للعقاب؟
قبل العقاب، لا بدّ أن يُوضَّح للأطفال نوع الخطأ الذي ارتكبوه وأن يقوم الأهل بتذكيرهم بنوع العقاب الذي سبق الاتّفاق عليه، ثمّ بعدها يوقِعون عليهم العقاب.
·ماذا نعمل للأطفال بعد إيقاع العقاب بهم؟
وبعدها، يكون لزاماً على الأهل أن يعودوا للتّأكيد للطّفل أنّهم يحبّونه، وسيظلّون على ذلك، وأنّه بمجرّد نواله العقاب المُتّفق عليه، تمّت مسامحته على ما ارتكبه من خطأ، وأنّ عليه هو أيضاً أن يُسامِح نفسه ويسعى جاهداً كيلا يُكرِّر الخطأ. بعدها يقوم الأهل باحتضانه والتّأكيد على محبّتهم له، ويعاملونه بكلّ محبّة وتقدير وصداقة، وكأنّه لم يرتكب أيّ خطأ أبداً.
بَقيَت كلمة أخيرة لا بدّ منها في الختام، ألا وهي أنّه إن راعى الأهل الله في تربية أبنائهم، وسَعوا لأن يربطوا الأطفال بعلاقة حيّة مع الله، وأن يُقدّموا لهم القدوة والسّلوك الصّحيح، فإنّهم بذلك يساعدون في بناء أناسٍ أصحّاءٍ، نافعين لأنفسهم ولمجتمعاتهم. فالعلاقة مع الله الخالق ركيزة أساسيّة لا يمكن الاستغناء عنها في طُرُق التّربية السّليمة والتّأديب النّافع.
عزيزي القارىء،
ـ أدعوك لو كانت لديك خبرة سلبيّة أو إيجابيّة بخصوص تربية طفلك، أن تشاركنا بها حتّى يستفيد منها كلّ الآباء والأمّهات الآخرين.
ـ كذلك يسرّني أيضاً أن أُرحّب بأسئلتك أو استفساراتك بخصوص تربية الأطفال، فإن كان لديك احتياج اُكتبه لي وسأكون سعيداً أن أجيبك عنه.
**وإذا كنت عزيزي القارىء تريد أن تفهم شخصيه أطفالك وتريد أن تتعلّم لغتهم وطريقة تفكيرهم، أدعوك أن تقرأ معي هذه المقالات المفيده لك ولأسرتك: