search
burger-bars
Share

القلب المكسورأنا أُتابع باستمرار بابك الذي جذبني إليه منذ اللّحظة الأولى، ربّما لأنّه ـ ببساطة ـ يُخاطب عُقولاً شابّة

 ومُتحرّرة، وربّما لأنّه يتحدّث بأسلوب رشيق عن قضايا حياتيّة وواقعيّة، لأنّها من الحياة!.
وكثيراً ما تعاطفت مع مُشكلات الكثيرين من مُراسليك، تلك التي تأتي عبر بابك، لدرجة أنّني كثيراً ما كانت دمُوعي تنساب تأثُّراً وتعاطُفاً مع مُشكلة فتاة أو شاب كتب إليك يبثّ هُمومه أو شكواه، ويسأل النّصح أو الإرشاد. ودعني بكلّ صدق أقول لك، مع أنّني اختلفت معك مرّات بخصوص آرائك ـ أو قسوتك أحياناً ـ مع أناس لجأوا إليك في ضيق لتُساعدهم، إلّا أنّني كثيراً ما صفّقت لك على نصائحك لهم، وتمنيّت أن اُقابلك لأحيّيك وأشدّ على يدك، فقد صرت صديقي حتّى ولو لم نتقابل، لهذا قرّرت أن أُشاركك بمُشكلتي مُتمنّياً أن أجد أنا الآخر ـ مثل الكثيرين الذين راسلوك ـ حلّاً عندك لمُشكلتي.

لم أكُن أتخيّل يوماً أنّني سأكون أحد هؤلاء الذين ستضيق بهم الأمور!، لكن هذا ما قد حدث!!. ومع أنّني أرى أنّ مُشكلات كثيرة يُمكن للإنسان أن يُواجهها بالعزيمة والإصرار وقُوّة الإرادة، لكنّني أرى أنّ مُشكلتي لا تخضع لهذا المبدأ!.
مُشكلتي يا صديقي هي أنّني تعرّضت للخيانة من فتاة أحببتها بكُلّ ذرّة في كياني، وأخلصت لها حتّى كُنت كعابد في محرابها. لم أُسيء لها يوماً، ولم أؤخّر عنها أيّ أمر كانت تحلم به أو تتمنّاه، كُنت أُجزل العطاء لها بكلّ أنواع العطاء، عن طيب خاطر، وأُسَرّ وأنا أرى الفرح يطفر من عينيها فأكون سعيداً بذلك. كنت أحرم نفسي من كلّ شيء حتّى تتمتّع هي. عرفنا بعضنا في الجامعة وقضينا معاً أحلى الأيّام، حلمنا، أحببنا بعضنا حتّى كان الجميع يحسدوننا وكنّا فرحين بذلك. تعاهدنا على أن نكون لبعضنا لطول العمر، وألّا يفصل بيننا إلّا الموت ..... ويعوزني من الوقت الكثير لأُحدّثك عمّا كان بيننا ......
لكن فجّأة، انتهى كلّ شيء!، تسألني لماذا وكيف؟! أجيبك، هذا ما لا أعلمه!، فحبيبتي (أو التي كانت .....!!) فجأة، تغيّرت من ناحيتي، وقالت لي ببرود شديد إنّنا لسنا لبعضنا، وأنّ كلّ ما كان بيننا كان وهماً!، وأنّ عليّ أن أنسى تماماً كلّ ما كان بيننا، كما أنّها هي أيضاً ستفعل!. أبهذه البساطة؟ ومن دون أسباب؟! ما الذي حدث؟! ..... وقبل أن أفيق ممّا قالته، إذا بها مخطوبة لواحد من أقاربها، وتُرسل لي مع زملائنا أن أنساها وأبعد عن طريقها. أهكذا، أبهذه البساطة تُقطع العلاقات الإنسانيّة الجميلة أو تُبتر بتراً؟!؟!
أنا أكاد أجنّ!، وذكرياتنا معاً تملأ حياتي، وتلك الذّكريات التي كانت يوماً تُنير طريقي، صارت هي نفسها اليوم لي كابوساً مُريعاً أحاول الهروب منه يلا جدوى. أهملت دراستي وأشياء أُخرى كثيرة وفقدت كلّ معنى وكلّ هدف لوجودي، والآن، أُحاول أن أكرهها فلا أستطيع، أتمنّى لو أُدمّر حياتها مثلما دمّرت حياتي!.
 
صديقي العزيز،
أشكرك لأجل تحيّتك الرّقيقة لي، وأتمنّى أن يُعينني الله لأساعدك.
أعرف جيّداً كيف أبدأ حديثي، لكنّني لست مُتأكّداً من ردِّ فعلك عمّا سأقوله!.
اسمح لي أن أختلف معك قليلاً أيضاً بشأن ما قُلته عن مُشكلتك، إنّها لا يُمكن التّغلُّب عليها بالعزيمة والإصرار. لا يا صديقي، بل مُمكن جدّاً!!. صديقي، كلّ إنسان عندما يمرّ بمشكلة يشعر دوماً أنّها المُشكلة الأصعب، وهي بالفعل تكون حقّاً كذلك ـ بالنّسبة له ـ لأنّه يجتازها ويكتوي بنارها. وهذا هو مكمن الصُّعوبة!!!.
صديقي، لا تتوقّف ساعات أيّام عُمرنا أبداً عن الدّوَران، لكنّها تمضي مُسرعةً من دون توقّف، أ ليس كذلك؟. لكنّ أحداثاً بعينها تبدو للوهلة الأولى وكأنّهاُ تحاول أن توقف حياتنا، أو حتّى أنّها تُتلف حياتنا وتُنهيها. والآن، من الذي يسمح لذلك بالحدوث، أو من الذي يمنع ذلك من الحدوث؟ إنّه نحن! نعم، نحن الذين نُنقذ حياتنا أو نُحطّمها.
صديقي، عِش يومك. توقّف عن أن تبكي على لَبَن قد انسكب على الأرض ولا طائل يُجنى من جرّاء مُحاولاتنا البكاء عليه، أو جمعه في أوعيتنا من جديد. لأنّ أمراً كهذا إنّما يُعَدُّ مضيعة للوقت وإهداراً للطّاقة، ولا طائل أو فائدة تُرجى من ورائه مهما عملنا، فما فات ليس بمقدورنا التّصرُّف فيه، لكن من حقّنا تماماً ما هو حادِثٌ اليوم وما سيحدث غداً ...
صديقي. إنسى ما كان، واشكر الله لأجل ما حدث، لأنّ حدوثه الآن مهما كان صعباً ومؤلماً، أفضل بكثير ـ من دون شك ـ من حدوثه مُستقبلاً.
صديقي، اكتفي بما فاتك، ولا تحاول أن توقف حياتك أكثر من ذلك. استعِن بمُساعدة الله أوّلاً، ثمّ بإرادتك القوّية ثانية، وبمُساعدة أصدقائك والذين يُحبّونك وهم كثيرون، لا بدّ أنّه سيكون بمقدورك أن تنجح و تتعافى وتُواصل المسير. لا تُحاول الانتقام منها، بل أُغفر لها وتمنّى لها السّعادة، والرّبّ سيُبارك حياتك.
ما حدث الآن هو دليل قاطع على عدم إخلاصها، وبإمكانك اعتباره صوت من الله لك يا عزيزي، فاذا كانت غير مخلصة لك الآن فكيف ستكون في المستقبل، بعد الارتباط وبعد أن تكون أُمّاً لأولادك؟!. إحمَد الله أنّها تركتك الآن وأنت مازلت على شاطئ النّجاة بدل من أن تكون سبباً في غرقك وانهيار بيتك فيما بعد!.
 فاقبَل تعاملات الله وما يسمح به لك الآن حتّى وإن بَدا قاسياً بعض الشّيء، لكن تأكّد أنّ الله خالقك ويريد الأفضل لك، فانتظره، وهو المُحبّ الألزق من الأخ، الأب الذي يرى ويفعل الخير لأولاده.

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone