search
burger-bars
Share

قررت الهجرة إلى أمريكا

حُلمٌ راود آلاف الشباب مطلع القرن الماضي، إنه حُلم الذهاب والاغتراب نحو العالم الجديد. هكذا سُمِّيَت "أمريكا" وهكذا انطلقوا إليها بحثاً عن الذهب مصدر الثروة الحقيقية.

 حَلُمَ الإنسان فيها بالعيش الكريم والرفاهية العالية، أمريكا هذا الحلم الكبير الذي سيطر على خيال شبابنا العربي والذي كلَّفهم ترك ديارهم وخِلاّنهم، وهجرة أوطانهم وأهلهم بحثاً عن الثروة والمركز. 
 كانت أمنية وحلم الشّباب أن يذهبوا إلى هذا البلد الجديد "أمريكا" بسبب خيبات أمل كثيرة، بل كان الهروب من الواقع الأليم الذي يعيشونه، أكبر عامل حثَّهم على ترك أوطانهم والبحث عن فرص حياة أفضل، فهل وجدوها؟
هجرة القلوب والعقول:
القاهرة - ذكرت دراسة تابعة لمركز الخليج للدّارسات الاستراتيجيّة بأنَّ هجرة ‏العقول العربيّة تكلِّف الدّول العربيّة خسائر لا تقلّ عن 200 مليار دولار، بسبب ضعف الاهتمام بالبحث العلمي. مُضيفةً أنَّ ‏الدّول الغربيّة الرّأسماليّة تُعَدّ الرّابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن 450 ألف من ‏‏هذه العقول.
ورأت الدّراسة أنَّ ‏الدّول العربيّة أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلميّة وليست جاذبة أو ‏‏حاضنة لها، الأمر الذي أدّى إلى استفحال ظاهرة هجرة العقول والأدمغة ‏العلميّة العربيّة، خاصّة إلى بلدان الغرب. وذكرت أنَّ 45 % من الطّلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى ‏‏بلدانهم، وأنَّ 34 % بالمائة من الأطبّاء الأكفّاء في بريطانيا هم من العرب، مضيفة أنَّ ‏هناك نحو 75 % من الكفاءات العلميّة العربيّة مهاجرة بالفعل إلى ثلاث دول ‏تحديداً، أمريكا وبريطانيا وكندا، ونوّهت بأنَّ الوطن العربي يساهم بـ31 % من هجرة الكفاءات من الدّول النّامية إلى الغرب، بنحو 50 % من الأطبّاء و23 % من المهندسين و15 % من العلماء النّابهين من العالم الثّالث.
واكتشفت الدّراسة حقيقة مذهلة، هي أنَّ مستوى الإنفاق على البحث العلمي والتِّقني في الوطن العربي في درجة متدنّية مقارنةً بما هو الحال عليه في باقي دول ‏ ‏العالم، موضِّحة أنَّ الإنفاق السّنوي للدّول العربيّة على البحث العلمي لا يتجاوز 0.2 % من إجمالي الموازنات العربيّة.
الهجرة الإيجابيّة: لتحقيق مزيد من الإطلاع يمكنك الدّخول إلى http://web.worldbank.org 
 إذا اعتبرنا ما سبق من هجرة هي هجرة سلبيّة، ونظرنا إليها من منظور آخر سنجد بأنّها تلعب دوراً إيجابيّاً. نعم، قد نرى بأنّها اغتراب عن الوطن وتفكيك للعائلات وضياع للأولاد ولمستقبلهم، لكنّها- حسب إحدى الدّراسات- ليست كذلك، بل إنّها تلعب دوراً مهمّاً ليس فقط في تخفيض أعداد الفقراء في بلدان العالم الأكثر فقراً والتي يأتي منها معظم المهاجرين، كما لها بصفة عامّة مجموعة واسعة من الآثار الإيجابيّة الاجتماعيّة والصّحيّة في بلدان المنشأ، ولاسيّما على الفتيات، وبذلك تعود بالنَّفع على الأُسَر التي لا تضمّ مهاجرين بين أفرادها. هذه الفكرة، كانت من بين الاستنتاجات الأساسيّة التي خَلُص إليها كتاب جديد صادر عن البنك الدّولي بعنوان "الهجرة الدّوليّة والتّنمية الاقتصاديّة والسّياسة".  هذا الكتاب، يقدّم لقرّائه وثيقة جديدة تتحدّث عن الآثار الإيجابيّة لموضوع الهجرة، وذلك من خلال دراسة للتّحويلات النّقديّة التي حوّلها المهاجرون من الخارج إلى عائلاتهم عن طريق البنوك. وكان التّركيز على مهاجرين من أمريكا اللّاتينيّة ودول البحر الكاريبي، كذلك من الرِّيف الباكستاني وتركيّا ومصر والمغرب. فجاءت النّتائج كالتّالي:
1. كانت الهجرة السّبب في سدّ الفجوة بين الجنسين وزيادة التحاق الفتيات بالمدارس.
2. تخفيض عمالة الأطفال.
3. تحسين صحّة الأطفال، ولاسيّما الفتيات.
4. تخفيض معدّلات الخصوبة المرتفعة عندما تكون (الهجرة) موجّهةً إلى بلدان تتّسم بارتفاع معدّلات الخصوبة، ورفع تلك المعدلات عندما تكون موجّهةً إلى بلدان تتّصف بانخفاض معدّلات الخصوبة.
5. تشجيع روح مشروعات العمل الحُرّ.
ويشير الكتاب إلى أنَّ أكبر البلدان المُرسِلة للمهاجرين - كنِسبَة من مجموع سكّانها -  هي تلك الصّغيرة والفقيرة، والتي تعاني من أعلى المعدّلات في هجرة العمالة الماهرة.
المسيحيّة والهجرة:
في الكتاب المقدّس أمثلة كثيرة عن هجرات داخليّة أو خارجيّة قام بها رجال الله لتحقيق المشيئة الإلهيّة، رغم حدوثها نتيجة ضغوطات أو مخطّطات شرّيرة، كهجرة يعقوب إلى فدّان آرام إلى بيت بتوئيل والتي نقرأ عنها في الكتاب المقدّس في سفر تكوين 28: 2. هجرة يعقوب هنا كانت هجرة إراديّة، استجاب بها لطلب والده إسحق، الذي أراد تزويجه إحدى بنات خاله لابان، وكان عليه أن يغادر المكان الذي اعتاد العيش فيه، إلى بلد عروسه.
في السِّفر نفسه وفي الإصحاح السّابع والثّلاثين، نجد نوعاً آخراً من الهجرة، وهي الهجرة القسريّة التي فُرضت على يوسف حين باعته قافلة من المديانيّين إلى قافلة من الإسماعيليّين كانت متّجهة إلى مصر تكوين 37: 28. إنّ من يقرأ قصّة يوسف يدرك صعوبة ما حدث معه، فقد قام إخوته برَمْيه في البئر بعد أن قرّروا في اللّحظة الأخيرة عدم قتله. قصدوا به الشّرّ لكنّ الله صنع معه الخير، ووضعه في مكانة عالية بعد سلسة طويلة من التّشكيل والتّدريب، وفي النّهاية جعله سبب بَرَكة وخير لمصر كلّها، الذي بدوره أنقذ عائلته في الموطن الأصلي عندما انتابتهم مجاعة عظيمة. كانت هجرة يوسف قسريّة لكنّها إيجابيّة.
 هجرة أبو الأنبياء:
أمّا أكبر وأعظم هجرة نجدها في الكتاب المقدس، هجرة غيّرت شكل المسكونة وتاريخ البشريّة، هي هجرة إبراهيم "أبو الأنبياء" الذي صار بَرَكة للأُمم من حوله محقّقاً دعوة الله له.
لقد خضع إبراهيم لما دعاه الله إليه، هذا نجده في سفر التكوين 12: 1 - 3. هجرة إبراهيم كانت هجرة إيجابيّة زادت الأُمَم بَرَكة وغِنى.

ماذا عن هجرتك أنت؟
وهكذا عزيزي القارئ نرى موجات من الهجرات منها ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي. هجرات تغمر أراضي بالخَير وهجرات تُعرّي الأماكن وتجعلها خَرِبة، لكن هذه هي الحياة وهذه هي دوراتها.
أَلا ترى معي في أنّه لا يهمّ شكل الأرض التي نعيش فيها، بل الأهمّ هو شكل ومدى الأمانة التي نعيشها على هذه الأرض، وأنَّ الأرض لله وهو صاحب كلّ المسكونة. هذا ما رآه النبي داود حين قال في المزمور 24 .
كذلك أدرك هذا النّبي بأنَّ وجوده على هذه الأرض ما هو إلّا اغتراب عن وطن سماوي، سيأتي اليوم الذي سيعود فيه إليه. فقال في المزمور 119: 19. ماذا عنك؟ هل أنت مستعدّ للهجرة إلى الوطن السّماوي الذي ستقضي الأبديّة بطولها وعرضها فيه بلا عودة؟!.

موضوعات مشابهة:

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone