search
burger-bars
Share

قيود الهوىلكُلِّ أمرٍ في الحياة وجهان، أحدهما ربّما يكون مُشرِقاً مُضيئاً، والثّاني، قد يكون مُظلِماً ومُعتِماً!.

وموضوع حديثنا اليوم ـ عزيزي القارئ ـ ينطبق عليه مَثَل ما قُلناه، فالبعض يراه نِعمة وبَرَكة عظيمة، بينما يراه البعض الآخر نِقمة ودَماراً يفوق الوصف!. يستخدمه البعض لزيادة التّعلُّم والمعرفة لخَير النَّفس والمُجتمعات، بينما يستخدمه البعض الآخر أسوأ استخدام يُمكن أن يحدث!!. به يستخدم الكثيرون أوقاتهم بطريقة إيجابيّة وبنّاءة، ومن خلاله أيضاً يُضيّع الآخَرون أوقاتهم فيما لا يُفيد، بل وفيما يُدمّرون به أنفسهم والآخرين مِمّن حولَهم.

والآن، أين أنت ـ عزيزي القارئ ـ من شبكة المعلومات العنكبوتيّة. (الإنترنت)؟!!!!!.

إنّ الكثيرين منّا ـ بكُلِّ أسف ـ (لا سيّما الشّباب في مِنطقتنا العربيّة)، قد آذوا أنفسهم من خلال التّعامُل مع هذه التِّقنيّة الحديثة بطريقة خاطئة، باستخداماتٍ ومُشاهَداتٍ أضرّتهم ودمّرت، أو كادت أن تدمِّر حاضرهم ومستقبلهم أيضاً!!. ومِن هذه الاستخدامات الضّارّة، التّردُّد على استخدام المواقع الإلكترونيّة الإباحيّة والْجنسيّة.
- لماذا يُدمِن النّاس مُشاهَدة المواقع الإلكترونيّة للجنس؟

إنّ العادات والتّقاليد والأعراف وأُصول التّربية المُحافِظة، تلك التي تحكُم سلوكيّاتنا وعاداتنا وتوجُّهاتنا كشرقيّين وكَعَرب (وهي بلا شك إيجابيّة في مُعظمها) اصطدمت بكُلّ أسف مع ما تُوفِّره الشّبكة المعلوماتيّة من قنوات إباحيّة وجنسيّة، والتي تُزوِّد مُرتاديها بقَدرٍ وافرٍ من الاستثارة والاندفاع نحو إلهاب الرَّغَبات وإشباعها ولو بمُجرّد المُشاهَدة!. كما أنّ الكَبْت والانغلاق والتّخفّي تحت سِتارٍ من التّديُّن (ربّما الظّاهري غير الحقيقيّ)، ما يَلبث أن ينهار عند أوّل مُواجهة مع تلك المُثيرات الجامحة، والتي لا يَجد الشّباب مُتنفَّساً آخر للتّعبير عنها بطريقة صحيحة وآمِنة، فيلجأون لِمِثل هذه المُؤثّرات للتّنفيس عن المشاعِر والرّغَبات المكبوتة، لا سيّما وأنّ الأحوال الاقتصاديّة في الكثير من البُلدان عبر منطقتنا العربيّة تئنُّ تحت وطأة غلاء الأسعار والأزمات الاقتصاديّة الطّاحنة، ممّا يُؤخّر سِنّ الزّواج للشّباب من الْجنسَين على حدٍّ سَواء، الأمر الذي لا يجعلهم في مَأمَنٍ من أخطار هذه الهَجَمات الشَّرِسة!.

ويعتقد الكثيرون من الشّباب أنّ إخراج شحناتهم العاطفيّة المَكبوتة والتّعبير عنها من خلال الإنترنت، إنّما هو أمرٌ يُمكِن اعتباره حقّ مُباح ومشروع، مادامت ظروفهم المادّيّة لا تسمح لهم أن يتزوّجوا في الوقت الحالي، وهم يتعاملون مع الأمر على أنّه الأقلّ ضرراً من وسائل أُخرى، فهو ـ على أيّ حال ـ أفضل بكثير من الانحراف!.
- كيف تؤثّر مثل هذه الأمور على العائلة والعلاقات بين الشّريكَين والأُسرة؟

والحقيقة التي لا يُمكن إنكارها هي أنّ اعتياد مثل هذه المواقع الإباحيّة، إنّما له مخاطر عدّة لا بُدَّ وأن تُؤثّر على مُستخدِمي هذه المواقع، وأنّ هناك أيضاً مشاكل مُعقَّدة قد تحدث كنتيجة طبيعيّة لاعتياد مُشاهَدة المواقع الْجنسيّة!. مِن هذه المُشكلات، تلك المشكلة الخطيرة التي قد تحدث في المُستقبل (ولا يَعي الشّباب عنها أيّ شيء!) عند أولئك الشّباب عندما يتزوّجوا، فمِمّا لا يعرفه الكثيرون أنّ نسبة الخِداع والتَّدليس في هذه الأفلام الإباحيّة تكون كبيرة جدّاً، وهذا الأمر يؤدي لأن يتبنّى (يُكوّن) المُشاهدون، لاسيّما غير الدّارِسين وعديمي الخبرة والمراهقون (وهذه هي الفئات الثّلاث الأكثر تردُّداً على مِثل هذه المواقع!)، صورة مُزيّفة غير حقيقيّة عن الأمور الْجنسيّة ومُتعتها وطُرُق ممارستها وتداولها. وهذا الأمر يكون له ـ بالطّبع ـ أثرٌ بالغ السّلبيّة والخطورة عند حلول وقت المُمارَسة الْجنسيّة بطريقة صحيحة عند الزّواج، إذ يتوقّع أحد الشّريكين (لا سيّما الرّجُل) أن تتوفّر له المُتعة ـ عند المُمارسة ـ بالصّورة نفسها التي تكونّت في خياله كنتيجة لما رآه! ولمّا لا يحدث هذا، ولا يصل لدرجة الإشباع التي يتوقّعها، فإنّه يُصاب بالإحباط والفشل، وقد ينفر من تلك العلاقة التي لا توفّر له ما يريد، ممّا يكون له مردوده السّلبيّ على الشّريك الآخَر أيضاً بصِفة خاصّة، ومن ثمّ على العائلة كلّها بشكل عام، وقد يستعيض عنها بطُرُق أُخرى بديلة ومُدمِّرة!.
كيف يرى الله خطيّة الجنس؟

تُقدّم لنا كلمة الرّب المُقدَّسة تعليماً فريداً، عمليّاً واقعيّاً ورائعاً، فيما يتعلّق بمثل هذه الأمور، فكلمة الله تنهانا بوضوح عن الاستثارة والمُثيرات التي يُمكنها أن تؤثّر على حياتنا وتُدنّسها، وتنصحنا بكل قوّة أن نهرب منها، كما أنّ كلمة الله ترفض كل ما يثير الغرائز والشّهوات، يقول الوحي المُقدّس في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 2: 22 . بل إنّ الرّب يسوع نفسه له كلّ المجد علّم في الموعظة على الْجبل تعاليم انفرَدَ بها إذ لم يُقدّمها أحد سواه، وتُعتَبر هذه التّعاليم من أسمى وأروع ما قُدِّم في هذا الصَّدد. قال يسوع في إنجيل متّى 5: 27 - 30 . (ملحوظة: أرجو أن تلتفت جيّداً لقوّة الصّورة التّصويريّة الرّائعة في الْجزء الكتابي السّابق، التي استخدمها يسوع ليُشجّع بها الإنسان على رفض الخطيّة، فأعوَر بعين واحدة لكنّه طاهر أفضل بكثير من ذي العينَين الذّاهب للنّار!). ويتّضح من كلام المسيح هنا، أنّ القداسة والطُّهر لازِمان لهما إن أردنا أن نحفظ أنفسنا بعيداً عن طريق جهنّم. والحقيقة هي أنّ القلب هو مصدر كلّ خطيّة، وأنّ هذا القلب يحتاج أن يُغسل ويتطهّر حتّى يصير نقيّاً ومُقدّساً، ولا يقدر على عَمَلِ هذا إلّا المسيح، إنْ لجَأْنا إليه في ضعفنا وسقوطنا.

إنّ الكتاب المُقدّس يعتبر الخطيّة التي تُرتكَب مُوجّهة لله نفسه، فقد رفض الصِّدّيق يوسف غِواية امرأة فوطيفار له قائلاً لها: "كيف أصنع هذا الشّرّ العظيم وأُخطئ إلى الله"، كما أنّ داود النّبي صلّى لله بعد سقوطه في مثل هذه الخطيّة، مُعترِفاً وصارِخاً لله بتوبة أمينة وصادقة (ويا ليتنا نعمل مثله إن سقطنا نحن أيضاً في الخطيّة) قائلاً له في صلاته: "إليك وحدك أخطأت....". والمعنى المقصود واضح هنا، فهو يريد أن يقول لله إنّ خطأه هو كان مُوجّها أوّلاً لله، ثمّ للبَشَر مِن بعده!.

وأقول أيضاً أخيراً، إن الزِّنى في الكتاب المُقدّس ليس هو مُمارسة الْجنس فعليّاً فقط، بل إنّ مُجرّد الشّهوة تكون بمثابة المُمارَسة الفعليّة، والزِّنى فيه إهانة لأجسادنا التي هي أمانة وكَّلَنا الله عليها ولا بُدَّ أن نحفظها ونصونها ونُقدّسها، لذلك تقول كلمة الرّب المُقدّسة في رسالة بولس الرسول الأولى لأهل كورنثوس 6: 18 . والحقيقة هي أنّه لابُدَّ أن يأتي يوم ونردّ الأمانة (التي هي حياتنا وأيّام عيشتنا التي أعطانا الربّ إياّها لنحياها على الأرض، بكلّ ما نعمله فيها من أعمال خيراً كان أم شرّاً).
هل من أَمَلٍ أو عِلاج لخطية الجنس؟

بالطّبع نعم، فالله لم ولن يتركنا قطّ عبيداً للخطيّة كي تُنجِّسنا وتُدمِّرنا، لكنّه يقف جِوارنا لأنّه يُحبّنا ويودّ أن يُبارِكنا ...

في هذه الفقرة سأُقدِّم بعض النّصائح العمليّة للتّخلُّص من الإدمان السّلبيّ للإنترنت وما يُمكن أن يُسبّبه لنا من أضرار و أخطار، كما يلي:

ـ كُن مُدرِكاً لأخطاره، ولا تستخدم النّتّ إلّا فيما يفيد ويبني.

ـ قرّر بحَسم أن تتجنّب تماماً كلّ المواقع السّيّئة والتي يمكن أن تضرّك وتُورّطك وتقودك لطُرُق لا يمكنك الخروج منها.

ـ كُن قريباً دوماً من الله بالصّلاة والتّضرّع وقراءة الوحي المقدّس واطلب منه تعالى أن يحفظك ويؤيّدك بالقوّة اللازمة لرفض إغراء المواقع الإباحيّة. وهو تعالى سيباركك ويرفعك.

ـ اسْعَ لأن تَشبع وتتمتّع بعلاقة حقيقيّة وحَيّة مع إلهك تحفظك وتحرسك من كلّ أمر يمكنه أن يُدنّس حياتك أو يخدش طهارتك ونقاوتك.

ـ تجنّب كلّ المُثيرات التي تؤجِّج وتُشعِل المشاعر أو الشّهوات في حياتك، واعلم أنّها تضرُّك اليوم وغداً أيضاً!.

ـ اشْغِل وقتك بأمور مفيدة لك ولمن حولك، وتعلّم كيف تستثمر أوقاتك بكل فاعليّة وقيمة مُمكنة.

ـ تجنّب قدر إمكانك الصّداقات والعلاقات التي لا تبني ولا تُفيد.

عزيزي القارئ،

أتمنّى أن تكون قد وجدت في مقالتي ما يرشدك ويساعدك، أرحِّب دوماً بتعليقاتك ومُداخلاتك، فإذا كان لديك تجربة في إدمان الْجنس على الإنترنت، أرسلها لنا وسنقوم بنشرها.

اسمع كيف تعامل يوسف الصّدّيق في موضوع الشّهوة.

هذا البرنامج الإذاعي يتعرّض لموضوع إدمان الإنترنّت.

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads

الإنجيل