كان العراق يعرف قديماً ببلاد الرافدين وما زالت هذه التسمية ملازمةً له حتى يومنا هذا...وبجولةٍ مختصرةٍ عبر التاريخ القديم ووصولاً الى التاريخ الحديث للعراق، نقدم هذه المعلومات التاريخية عن هذا البلد العريق الزاخر بالاحداث التي مرت عليه...حضارات مختلفة، شعوب عديدة، حروب كثيرة، احتلالات ومقاومات وانتصارات فسيادة واستقلال وثم احتلال على رجاء الاستقلال من جديد...
من الأسباب والدوافع التي ساهمت في وجود الحضارة الأولى في العراق أو بلاد الرافدين، حاجة الناس الى وسائل تحميهم من غزوات الأعداء حيث قام الشعب ببناء المدن المحصنة بأسوار من جميع جهاتها الأربع وتحصين مداخلها في وجه المغامرين المعتدين...إلى ذلك، وحيث ان الزراعة كانت السبيل الاساسي في المعيشة، تم جر قنوات المياه الى الاراضي الزراعية التي تقع في إطار المدن المحصنة... بعد سنة 6000 ق.م. ظهرت المستوطنات الكبيرة التي أصبحت مدناً في الألفية الرابعة ق.م . وأقدم هذه المستوطنات البشرية هناك إيريدو وأوروك وركاء في الجنوب حيث أقيم بها معابد من الطوب الطيني وكانت مزينة بمشغولات معدنية وأحجار وأخترعت بها الكتابة المسمارية. وكان السومريون مسؤولون عن الثقافة الأولى هناك من ثم إنتشرت شمالاً لأعالي الفرات وأهم المدن السومرية التي نشأت وقتها إيزين وكيش ولارسا وأور وأداب. وفي سنة 2350 ق.م. أستولى الأكاديون، وهم من أقدم الاقوام السامية الآرامية التي استقرت في الرافدين حوالي 3500 ق.م ، وفدوا على شكل قبائل رحل بدو من الجزيرة العربية إلى العراق. عاش الأكاديون منذ القدم في الجزيرة العربية ثم هاجروا شمالا إلى العراق وعاشوا مع السومريين. وآلت اليــهم السلطــة في نحو (2350 ق.م) بقيادة زعيمهم سرجون العظيم واستطاع سرجون العظيم احتلال بلاد سومر وفرض سيادته على جميع مدن العراق وجعل مدينة أكد عاصمته. شهد عصرهم في العراق انتعاشاً اقتصادياً كبيراً بسبب توسع العلاقات التجاريـة خاصة مع منطقة الخليج العربي. كما انتظمت طرق القوافل وكان أهمها طريق مدينة أكاد العاصمة بوسط العراق الذي يصلها بمناجم النحاس في بلاد الأناضول، وكان النحاس له أهميته في صناعة الأدوات والمعدات الحربية، وحلت اللغة الأكادية محل السومرية. وظل حكم الأكاديين حتى أسقطه الجوتيون عام 2218 ق.م. وهم قبائل من التلال الشرقية. وبعد فترة ظهر العهد الثالث لمدينة أور وحكم معظم بلاد مابين النهرين.
ثم جاء العيلاميون ودمروا أور سنة 2000 ق.م. وسيطروا على معظم المدن القديمة ولم يطوروا شيئاً حتى جاء حمورابي من بابل ووحد الدولة لعدة سنوات قليلة في أواخر حكمه. لكن أسرة عمورية تولت السلطة في آشور بالشمال. وتمكن الحثيون القادمون من تركيا من إسقاط دولة البابليين ليعقبهم فورا الكوشيون لمدة أربعة قرون. وبعدها إستولى عليها الميتانيون ( شعب لاسامي يطلق عليهم غالبا اسم حوريون أو الحوريانيون ) القادمون من القوقاز وظلوا ببلاد مابين النهرين لعدة قرون. لكنهم بعد سنة 1700 ق.م. أنتشروا بأعداد كبيرة عبر الشمال في كل الأناضول. وظهرت دولة آشور في شمال بلاد مابين النهرين وهزم الآشوريون الميتانيين واستولوا على مدينة بابل عام 1225 ق.م. ووصلوا البحر الأبيض عام 1100 ق.م.
تكلم سكان ما بين النهرين لغات عديدة لكنهم عموما تكلموا ثلاث لغات رئيسية تطور احدها من الاخرى. بعد السومرية والتي كانت لفترة وجيزة كانت اللغة الاكدية والتي كانت لغة الاكاديين, البابليين, الآشوريين و استمرت حتى حوالي سنة 500 ق.م.لتحل محلها اللغة الآرامية ( بلهجتها الشرقية= السريانية). استمرت اللغة الآرامية حتى 500 ب.م لتحل محلها العربية. و ما تزال الآرامية مستعملة اليوم لدى بعض الطوائف العراقية كالكلدانيون، النسطوريون، الصابئة و الايزيديون. اما العرب فيرجع وجودهم في العراق إلى ميلاد إبراهيم في مدينة اور 2000-1500 قبل الميلاد...
بعد تدمير بابل تناوب على العراق الفرس الاخمينيون واليونانيون بدءاً بالاسكندر المقدوني مرورا بالدول السلوقسية والفرس الساسانيون و حلفاءهم ملوك بني لخم العراقيون (المناذرة). و كان اللخميون من القبائل اللاتي وصفوا كونهم احفاد العرب العمالقة و التي كانت تطلق على قدماء العراقيين و كذلك المصريين .
الدولة العباسية : في عام 762 قام العباسيون بإنشاء مدينة بغداد. بلغت قوة الدولة العباسية أوجها وعرفت العلوم عصر إزدهار في عهد هارون الرشيد ولكن ومنذ العام 800 م بدأت عدة مناطق تعلن استقلالها عن الدولة العباسية وتحولت إلى إمارات أو ممالك تحكمها سلالات متعددة. حتى أنه في النهاية وقعت الخلافة العباسية تحت سيطرة العديد من السلالات ذات الطابع العسكري مثل البويهيون، وفي عام 1258م دمرت بغداد من قبل هولاكو خان بسبب ضعف الخلافة وانشغال الخليفة الحاكم وحاشيته باللهو والعبث وعدم اهتمامهم بشؤون الدولة ويقال أن هولاكو خان قد قتل تقريبا 800،000 من سكان بغداد. وفي النهاية سيطر العثمانيون بعد ذلك على العراق وقسموها إلى ثلاث ولايات، الموصل وبغداد والبصرة وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وقع العراق تحت الإحتلال البريطاني ثم الإنتداب ثم حصل على إستقلاله من المملكة المتحدة عام 1932م، لتقوم المملكة الهاشمية العراقية بإستلام فيصل الأول بن الشريف حسين تاج العراق .العهد الجمهوري : وبعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1958م، تحول العراق إلى النظام الجمهوري، ومن ثم شهدت البلاد عددا من الانقلابات العسكرية آخرها الانقلاب الذي جاء بحزب البعث العربي الإشتراكي إلى الحكم في 17 يوليو/ تموز 1968م.
ويعد العراق بلداً غنياً بثروته النفطية، وعندما أصبح صدام حسين رئيساً عام 1979م، بحلوله محل الرئيس السابق أحمد حسن البكر، وكان النفط يشكل 95 من المائة من موارد البلاد بالعملة الصعبة. إلاّ أن حربه مع إيران وحرب الخليج الثانية عام 1991 ومن ثم العقوبات الدولية التي تلتها أستنزفت قدراته المادية وأثرت تأثيراً سلبياً بالغاً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي...قام صدام حسين باحتلال الكويت واجزاء من الأراضي السعودية مما استدعى تدخل الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية المساندة لها، بإخراج الجيش العراقي من الكويت والسعودية...وبعد ذلك احتلال العراق وتنحية صدام حسين واعتقاله واعدامه مع مجموعة من المسؤولين من قبل السلطات العراقية...وحتى اليوم ما زال العرقا يرزح تحت الاحتلال الغربي لأسباب كثيرة...
تجدر الإشارة الى أن الأكراد في شمال العراق يتمتعون باستقلال ذاتي...لهم حكومتهم ومؤسساتهم الرسمية الخاصة...