للغضب أصول:
انفعالات الغضب مختلفة بين إنسان وآخر، ومن سبب لآخر. فما يُسبِّب الغضب أو "الغَيظ" لك قد لا يثير اهتمام الآخر، وما تستقبله أنت بهدوء، أو تعتبره أمراً طبيعيّاً، قد يقابله الآخر بحدّة وغضب يثيران دهشتك.
والأمر نفسه الذي أغضبك في يوم ما، تَجِد نفسك - في يوم آخر - تستقبله بهدوء، أو بابتسامة تعبِّر عن لا مبالاتك! إنّ المشكلات، والإحباطات، والأحداث، والشّخصيّات المختلفة من حولك، تؤثّر فيك، وأنت بالتّالي تؤثّر فيها، فلا يمكن أن تنفصل عمّا يحدث حولك، وبخاصّة إذا كان بالقرب منك، ويتكرّر باستمرار.
قد تكون مُثيرات الغضب هذه في بيتك، أو قد تكون خارجه. وإذا كنتَ من النّوع الذي يتأثّر بما يحدث حوله، فإنّك ستفقد هدوءك وسلامك بسرعة، وهذا ينعكس على تصرّفاتك وسلوكك وعلى من تعيش معهم.
تغضب، أم لا؟!
يُشبِّه المتخصّصون النّفسيّون حالة الغضب أو الغيظ بغليان الماء داخل إناء من أواني الضّغط. وصمّام الأمان الموجود بالغطاء هو المَنفَذ الوحيد الذي يخرج منه البخار كي لا ينفجر الإناء.
والحياة الزّوجيّة يقابلها الكثير من الصِّعاب. فإذا تراكمت دون حلّ أو إذا تعاملنا معها بعُنف وحدّة، تحطَّم استقرار الحياة الزّوجيّة وفُقِدَ الأمل باستمرارها.
"المحبّة تتأنّى وترفق" و "المحبّة تحتمل كلّ شيء".
الحُبّ الصّادق يمتصّ الغضب وحين تغيب المحبّة يغيب الرِّفق، ويأتي بُركان الغضب في صورة كلاميّة أو في صورة الإيذاء البدني، وهو أمر مرفوض مهما كان سبب الغضب.
فماذا تفعل إن ثارَ غضبك أمام شريك حياتك ؟
- تجنَّب إهانة شريك حياتك بألفاظ أو اتّهامات جارحة أثناء غضبك، إذ سيظلّ الطّرف الآخر يتذكّر الإهانة أو الكلمة الجارحة التي وجَّهتَها إليه، ممّا قد يؤدّي إلى تعقيد المشكلة بدلاً من حلِّها.
- إنّ الشِّجار المستمرّ في الحياة الزّوجيّة، ولو بسبب أمور زهيدة، يدلّ – بالتّأكيد - على أنّ هناك أمراً ما لم يُعالَج ولم يتمّ الاتّفاق عليه. ولكي يتمّ العلاج يجب أن يتنازل أحد الطّرَفَين بتواضع وحُبّ للطّرف الآخر، لأنّه حيث يوجد الاعتداد بالذّات والتّمسّك الشّديد بالرّأي تسوء الأحوال وتتعقّد الحلول. قد يكون هذا الأمر هو صعوبة الاتّفاق على رأي واحد، أو مشكلة أو أكثر مُعلَّقة، وما زالت حاضرة في الأذهان، لذلك يجد الزّوجان نفسَيهِما يحتدُّ أحدهما على الآخر بسبب أو بدون سبب. لذلك يجب الانتهاء من حلّ هذه المشاكل أوّلاً بأوّل، أو التّكيُّف معها إذا صَعُبَ حلّها، حتّى تستمرّ الحياة الزّوجيّة.
التّعامل الصّحيح مع غضب أحد الطّرفين:
لا بدّ أنّ معظمنا يَغضب مع اختلاف الأسباب، وكلّ واحد له طُرُق مختلفة للتّعامل مع الغضب، هنا نُقدِّم بعض الأفكار للتّعامل الصّحيح مع الغضب:
1. خفِّف دفاعيّاتك.
2. ركِّز على المشكلة وليس على الشّخص، مثلاً بَدَل أن تقول: "أنتَ كنتَ سيّئاً في التّعامل معي"، قُلْ: "أسلوبكَ كان سيّئاً معي".
3. تعامَل مع كلّ مشكلة على حِدى، خاصّة عند مواجهة الشّخص فلا تضع كلّ المشاكل أمامه مرّة واحدة لأنّك لن تحلّ أيّاً منها، بل على العكس يصعب الحلّ ولربّما لن تصلا إلى نتيجة .
4. تجاوَز بعض الكلمات أو العبارات التي قد تصدر عن شريك حياتك، وركِّز على مشاعره وانفعالاته.
5. تذكَّر أنّ الهدف من الصّراع هو حلّ المشكلة وليس الانتصار على الشّخص المُقابِل .
6. حتّى تكون في علاقات سليمة مع من حولك تذكّر أنّ الله يحبّك وقادر ويرغب أن يساعدك. أنت بحاجة أوّلاً أن تكون في علاقة صحيحة مع الخالق لتحصل على التّغيير القلبي الحقيقي!. إن كان هناك أمر ما يضايقك في تصرّفات شريك حياتك، فكِّر في إيجاد حلٍّ له بدلاً من الشّكوى والشِّجار المستمرَّين:
كان أحد الأزواج يشكو من أنّ زوجته تُكثِر من وضع المِلح في أيّ طعام تطهوه، ورغم بَساطَة المُشكلة إلّا أنّها تسبّبت في إهانات من الزّوج وشِجار بينه وبين زوجته، ثمّ فكّر الزّوج في حلّ عملي، فقام "بتعيين" مِلعقة صغيرة خاصّة لكي تُقدِّر بها الزّوجة كميَّة المِلح اللّازمة بحيث لا تزيد عنها أبداً.
إن كان شريك حياتك هادئ الطِّباع يستطيع التّحكّم في انفعالاته، وأنت على العكس من ذلك، يجب عدم الضّغط عليه نفسيّاً وانفعاليّاً (اطمئناناً منك إلى أنّه شخص هادئ) حتّى لا يفقِد أعصابه فجأة، وتكون ثورته قاسية عليكما معاً.
إذا كنت تجد صعوبةً في التّحكّم في انفعالاتك، وتعترف بأنّك لا تدري بنفسك وأنت تصيح أو تصرخ، أو تقوم بتحطيم ما تجده أمامك، فلا تيأس، بل إلجأ إلى الرّب، لأنّه وحده القادر على مساعدتك، ومنحك السّلام والهدوء النّفسي، والقدرة على التّحكّم في أعصابك، حتّى لا تؤذي بعصبيّتك نفسك، ومن تُحبّ.
تذكّر ما يقوله الكتاب المقدّس في سفر الأمثال عن الغضب:
أمثال 14: 29 . أمثال 16: 32 . أمثال 15: 25 .
أمثال 8: 29 . أمثال 33: 30 .
في حال كانَ لديكَ أيّ سؤال أو استفسار حول هذا الموضوع أرجو ألّا تتردّد في الكتابة إلينا. وإن كانَ لديكَ مشكلة أو حالة خاصّة، فنحن نُحبّ أن نتشارك معك ونساعدك في حَلِّها. صلاتنا أن يبارك الرّب زواجك وشريك حياتك لتُحقِّقا معاً غاية الله من زواجكما. والرّب معك.